أعلن رئيس الحكومة الدكتور معين عبد الملك عدن مدينة منكوبة جراء السيول التي أجتاحت المدينة وحولتها إلى بحيرة عائمة . موقف مخزي لرئيس حكومة أخلى مسؤوليته من أول يوم من المسؤلية السياسية والعسكرية وقدم نفسه كمنقذ للاقتصاد ومهندس للإعمار . في الأخير وجد المواطن اليمني نفسه أمام إنهيارات عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية .
عدن تغرق في شبر ميه ورئيس الحكومة يعلنها مدينة منكوبة . ياترى ما هو دور الحكومة في مواجهة مثل هذه الأزمات ؟ لقد اكتفى رئيس الحكومة باعتبار عدن مدينة منكوبة دون أدنى أي إجراء عملي لمواجهة الخطر وكأن رئيس الحكومة رئيس منظمة يصف ما يجري ويبحث في تداعياته فقط . ياترى ماذا فعل رئيس الحكومة لعدن وغيرها من المناطق المحررة خلال ترؤسه للحكومة ؟
أشرف لرئيس الحكومة أن يموت داخل حفرة من أن يعلن عدن مدينة منكوبة . كيف لا وهو الذي قال سيتفرغ للاقتصاد والإعمار ، فأين هي البنية التحتية التي شيدها ؟ وأين هو الاقتصاد الذي بناه ؟ منذ أن تولى أمر الحكومة والأزمات تتوالى ومازالت الفاجعة تملأ قلوب اليمنيين الذين فاض وطفح بهم الكيل من أداء الحكومة المخزي التي زادت من هموم المواطن وأصبح لا يتحملها فوق عاتقه .
بدلا من أن يقدم إستقالته ويعترف بفشله ، إذا به وبكل برود يعلن أن عدن مدينة منكوبة . طبعا رئيس الحكومة واثق أن البرلمان راقد واعضاؤه لا يعنيهم سوى إستلام المرتبات . فماذا نتوقع من حكومة تقف أمام برلمان مرتبط بمرتبات أعضائه ، كتب على نفسه الفشل من أول جلسة له . أليس الدستور اليمني ينص على أن الحكومة مسؤولة أمام مجلس النواب ؟
الحكومة والبرلمان مسمارين في نعش الدولة اليمنية التي تلفظ أنفاسها الأخيرة نتيجة تجاهلهما إرادة الشعب اليمني ومصالحه الحيوية . لا يخرج وضع الحكومة والبرلمان عن تمرير وتنفيذ مشاريع إقليمية معروفة متعارضة كليا مع مصالح الشعب اليمني .
لقد أثبتت الأمطار في عدن ومأرب أن وباء الحكومة وفيروس الفساد ، هو أفتك بكثير من فيروس كورونا . فقد أشفق فيروس كورونا على الشعب اليمني ولم يقترب منه ، أما فساد الحكومة فقد ترك العنان للمليشيات المتعطشة للقتل وسفك الدماء وتعطيل التنمية والبناء .
هكذا قاد رئيس الحكومة حكومته إلى نهاية مأساوية ، وفشل عميق ما بعده فشل . لا صحة ولا تعليم ولا كهرباء ولا مياه ولا أمن ولا انتصارات عسكرية والذي مش عاجبه يشرب من ماء البحر . نحن باختصار أمام حالة من العجز الغير مسبوق . تنتقل الحكومة من فشل إلى آخر ، وآخر حلقات هذا المسلسل فشلها المريع في مواجهة السيول التي اجتاحت العاصمة المؤقتة عدن ومن قبلها مأرب .
أصبح الوضع الحالي في اليمن لا يسر عدوا ولا صديقا ، فكثرة الانزلاقات قد تخطت الخيال وسط ضياع تام للحكومة ، ولعل أزمة السيول وما نتج عنها من ازمات تخطت المسموح والمعقول ، ماهي إلا مؤشر واضح لعجز الحكومة وفشلها والضياع الذي بات يهدد مصير اليمنيين . الوضع في اليمن أصبح آيلا للسقوط مالم تنتبه الشرعية إلى ما يحاك ضدها سرا وعلانية .
إن إنقاذ هذا البلد يقع على عاتق الأحزاب السياسية التي تخلت عن دورها لصالح المليشيات المسلحة . على أحزاب التحالف الوطني للقوى السياسية أن يشكل حكومة وفق اتفاق الرياض من منطلق استعادة القرار السياسي أولا والدولة ثانيا . لا توجد حكومة في العالم بدون مرجعية سياسية إلا حكومة معين عبد الملك . وهذا يجعل كل السلبيات والأخطاء تعلق به وبحكومته منزوعة القرار السياسي والعسكري .
أقول بكل وضوح إن التعجيل بتشكيل حكومة إنقاذ لبلد يتعرض شعبه للفقر نتيجة للحرب التي أرهقته وجعلته تحت ضغط اقتصادي غير سوي بات ضرورة مستعجلة . إن الوضع الاجتماعي والمعيشي والمالي الصعب الذي تمر به اليمن والذي يزداد سوء يوما بعد يوم ، لا يحتمل أي تأخير أو تعطيل أو عرقلة في تنفيذ اتفاق الرياض .
إنقاذ هذا البلد يقع على عاتق اليمنيين جميعا ، ولا ينتظر أحد الخارج ليقوم بذلك ، فالخارج عندما يأتي ، فهو يأتي لحساب قضاياه ومصالحه الخاصة .