آخر تحديث :الخميس-26 ديسمبر 2024-10:11م

هل استدعاء مستشاري الرئيس هادي يوحي بوفاته؟

الجمعة - 26 يونيو 2020 - الساعة 12:13 ص

عادل الشجاع
بقلم: عادل الشجاع
- ارشيف الكاتب


استدعاء مستشاري الرئيس ونقلهم بطائرة خاصة من القاهرة إلى الرياض يوحي بأمر من هذا القبيل . يحدد الدستور اليمني الإجراءات القانونية لانتقال السلطة في حال فراغ منصب رئيس البلاد بسبب الوفاة ، حيث تعود الرئاسة المؤقتة لرئيس مجلس النواب لمدة ٦٠ يوما . وسبق لليمن أن عرفت فراغ منصب رئيس الجمهورية عام ١٩٧٨ ، مع اغتيال الرئيس أحمد الغشمي وتولى خلالها رئيس المجلس الاستشاري القاضي عبد الكريم العرشي لمدة ٦٠ يوما .
 
لن يكون التوافق على الرئيس الانتقالي أمرا سهلا ، خاصة وأن البلاد في حالة حرب ومن غير الممكن العمل بموجب الدستور ، إضافة إلى الانقسام الذي يعتري الأطراف السياسية الواقعة في أتون الصراع والتجاذبات الإقليمية .
 
تقع على عاتق القوى السياسية فيما لو أن الرئيس هادي غادر الحياة وهذه سنة الله في الكون أن تؤطر نفسها إستنادا إلى مفهوم الحياد الايجابي لكي تجنب اليمن مزيدا من الصراع الإقليمي الذي يغرس مخالبه في الجغرافيا وفي الهوية اليمنية التائهة بسبب الحرب التي تجري بالوكالة . الفراغ الذي سيتركه هادي سيضع القوى السياسية اليمنية أمام خيارين : الأول إيجاد شراكة توافقية بين اليمنيين أنفسهم . الثاني إيجاد شراكة فوقية مفروضة عليهم من قبل المتصارعين الإقليميين . لن تتم الشراكة التوافقية بين اليمنيين لأن هناك أطرافا تستمد حضورها واستمرارها ومكانتها وأموالها من دول الإقليم . لذلك أي اتفاق سيكون تحضيرا لدور جديد من الحرب .
 
وبحكم خبرتي السياسية أزعم أنه من الصعوبة بمكان أن يتمكنوا من فرض الشراكة التوافقية ، أولا لغياب الإرادة الحقيقية لدى مختلف المكونات السياسية ، وثانيا لتبعية هذه القوى لأطراف إقليمية مختلفة المصالح . وأمام هذين الخيارين ستتخلى بعض الأطراف عن جزء من الجغرافيا ، فيما هذه الجغرافيا لن تتخلى عن اليمن ، مما يجعل الحرب تمتد لسنوات أخرى .
 
يبدو أن المواطن العادي غير قادر على أن يرسم لنفسه بارقة أمل في ظل رحيل هادي وهو الذي كان يحمله كل مآسي اليمن . سيتضح أن الأزمة اليمنية ليست مرتبطة بالأشخاص حتى وإن كانوا جزءا رئيسيا فيها ، بل مرتبطة بمنظومة متكاملة ومتداخلة من تكوين السلطة ذاتها .
لن يستطيع المجتمعون في الرياض سواء بعد مغادرة هادي للمشهد أو في ظل وجوده أن يتوافقوا سياسيا على الشراكة المحلية وجميعهم غارقون حتى النخاع في دهاليز الصراع الإقليمي علنا واستتارا .
 
وإذا افترضنا أن القوى السياسية تحولت في لمح البصر إلى قوى وطنية وتوصلت إلى تفاهم يقوم على الشراكة التوافقية ، فإن ذلك يتطلب وجود بناء سياسي وعسكري قوي ومتماسك لتصبح هذه الشراكة عقيدة الدولة الجديدة ، والمحتوى الأساسي للهوية الوطنية ببعدها الإنساني . وهذا منعدم في الوقت الحالي ، مما يجعل التأثير الإقليمي هو المسيطر . ونحن لا نمانع من التأثير الإقليمي الموحد الذي يصب في صالح توحيد القرار اليمني . ما يزعجنا هو نقل الصراع الإقليمي إلى الساحة اليمنية وجعل القوى السياسية تعمل كوكلاء لدول الإقليم .
 
أقول بوضوح إن الشراكة قرار استراتيجي كبير تنقصه القوة والإرادة والوسائل والأدوات لحمايته وتثبيته بنفس القوة التي تحتاجها الدول الإقليمية ذات النفوذ في اليمن . واليمن تدرج في خانة الدول الغائبة عن أي تأثير . بمعنى أنها ليست لاعبا إقليميا ولا حتى محليا داخل أراضيها ، أي أنها فاقدة لقدرتها على فرض خياراتها داخل البلد والسيطرة على كافة أراضيها .
 
خلاصة القول إن الذين كانوا يتمنون ذهاب هادي مثلهم مثل الذين تمنوا ذهاب علي عبدالله صالح كانوا يعيشون حلما رومنسيا سياسيا ، لأن الخلل خلل بنيوي في تركيبة السلطة منذ قيام الوحدة على أقل تقدير . لم تتغير الوجوه ، فبعضها يملك السلطة من داخل الشرعية والبعض الآخر يملكها من خارج الشرعية . لهذا يصعب تجاوز هذا الصراع ، لكن ذلك قد يصبح ممكنا باحتمال ضعيف عند تحول الشراكة إلى مصلحة إقليمية ودولية .
 
خلاصة القول إن الوضع في اليمن لن يستقر قبل تمرير كافة صفات المنطقة الملتهبة ومعرفة اتجاهات الرياح فيها . لن يتوافق اليمنيون مالم يتم فرض هذا التوافق فرضا ، وهذا لن يتم لأن بعض دول الإقليم لم تعلن عن تدخلها بشكل علني . فهل تحدث معجزة ويعود اليمنيون باتفاق شامل من الرياض ، أم يعودون بالتوقيع على تسليم الشرعية للمليشيات ؟