مرة أخرى يُـــثير السفير اليمني السابق عبدالولي الشميري حالة من السخط والاستهجان بنشره كتابا جديدا موسوما بــ (موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه) . فبعد إصدار كتابه الكارثي غداة حرب 1994م الذي حمل عنوان: ( ألف ساعة حرب)، أو ما بات يعرف عند العامة باسم:( ألف ساعة نهب). فالذي يقرأ ألف ساعة حرب سيجد كيف تجنّـى صاحبه على طرفٍ لحساب طرف آخر من طرفي تلك الحرب التي أتت على المشروع الوحدوي واقتلعته هو مشروعه السياسي: " وثيقة العهد والاتفاق" من جذوره. كما حَــمَلَ هذا الكتاب وتحامل بفجاجة ليس فقط على الشريك الوحدوي الحزب الاشتراكي والشخصيات الجنوبية بل على تاريخ الجنوب بحاضره وماضيه، وأغفل عن عمد ما قام به الطرف الآخر قبل حرب 94م من استهداف لكل القوى والشخصيات الوطنية - جنوبية و شمالية - تسعى لإقامة دولة مدنية يحكمها القانون والمؤسسات وترفض حكم القوى التقليدية القبيلة والعسكرية والدينية( دولة مرو) وأساليبها التسلطية الفاسدة.
فهو إذ يعرج بكتابه هذا على التاريخ الحديث بالجنوب وعلى ثورته التحررية ضد الاحتلال الإنجليزي ويلوي عنق الحقائق لياً نراه ينعت الجبهة القومية ورموزها من أمثال: فيصل عبداللطيف الشعبي -علي ناصر محمد -سيف الضالعي -عبدالفتاح اسماعيل - سلطان أحمد عمر -نور الدين قاسم - طه مقبل -علي السلامة- ومحمد علي هيثم بشرذمة منحرفة السلوك التي تتستر وراء الناصرية وتدعي الثقافة والوعي. وفي موضع آخر بالكتاب يلمز على المناضلين: (صالح باقيس وعبدالنبي مدرم وعبود ) بتلميحات وتُهم التبعية وبتلقي أوامر مريبة من خلف الكواليس بسبب مواقفهم الرافضة للدمج المؤقت في يناير 66م الذي تم بين الجبهة القومية ومنظمة التحرير الذي افضى لظهور جبهة التحرير.
وقبل أن يغادر صاحب الكتاب مربع التجني على تاريخ ما قبل الاستقلال واصل افتراءاته ومغالطاته لمجريات الأمور منذ 22 مايو 90م حتى 7 يوليو 94م،بسيل من الأكاذيب والمغالطات.
ففي فصل( صراع الثورتين ) يزعم بأن الحزب الشيوعي الاشتراكي- هكذا أسماه الشميري- قد أقامَ في الجنوب أكبر قاعدة عسكري لحلف وارسو في الشرق الأوسط. و كذا يزعم بشكل فاضح أن أبناء الشمال في الجنوب بعد الاستقلال قد تعرضوا للظلم و الاضطهاد في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين- وفي الفترة التي وصل فيها عبدالفتاح اسماعيل الى منصب رئيس الدولة بالجنوب-. ثم يقول زورا أن الحزب الشيوعي الاشتراكي هو من شن الحرب على الشمال عام 72م وحقق فيها انتصارات باهرة لغرض الهروب من الوحدة اليمنية التي تم التوقيع عليها بنسختها الأولى في نوفمبر72م.
الشميري نسي أو تناسى أنه في عام 72م لم يكن الحزب الاشتراكي قد ظهر أصلا لا باسمه( الحزب الاشتراكي اليمني) ولا بالاسم الذي اخترعه له الشميري( الحزب الشيوعي الاشتراكي) ولا حتى باسم الحزب الطليعي. كما اغفل عمدا أية اشارة للدور الذي بذلته قيادات الجنوب مثل الرئيس علي ناصر محمد بإخراج هذه الاتفاقية الى حيز الوجود والاتفاق على دستور الوحدة، واكتفي أي الشميري بالإشارة الى دور القيادة الشمالية ممثلة بالرئيس عدبدالرحمن الإرياني.
ثم يمضي الشميري الى أعماق الأكاذيب وهو يستعرض الاحداث التي سبقت الحرب أعني حرب 94م التي يتحدث عنها كتابه واثنائها.. ويغرق كتابه ليس فقط بالأكاذيب والتضليل وتزوير الحقائق بل بالإدانة للجهة التي ينتمي لها ويدافع عنه مُــلصقاً بها دون أن يدرك تهمة الانقلاب على الوحدة ودعمها للإرهاب – وهي تستحق هذا التهم بامتياز شاء الشميري أم لم يشاء .
فعل سبيل المثال لا للحصر يقول أن وثيقة العهد والاتفاق التي -تم التوقيع عليها بالأردن من قبل الرئيس صالح ونائبه علي البيض وعددا من الشخصيات الحزبية والوطنية الأخرى وبأشراف من ملك الأردن حسين بن طلال - بأنها وثيقة اجماع وطني لدى الشعب اليمني وان الشعب سيحميها ودافع عنها وينفذها. فهذه الوثيقة هي ذات الوثيقة التي وصفها صالح وشركائها بحزب الاصلاح بعد انتهاء الحرب بوثيقة الغدر والانفصال.
ثم يصف في مكان آخر من كتابه قوات الجيش والأمن في المحافظات الجنوبية في غمرة الازمة السياسية التي سبقت حرب 94م وذروة الصدامات التي خاضها الأمن والجيش بالجنوب مع الجماعات المتطرفة بأنها مليشيات اشتراكية تستهدف شباب المسلمين وشباب الصحوة الإسلامية بالجنوب- بحسب تعبيره-.
- اليوم يظهر الشميري بكتابه الجديد: ( أعلام اليمن ومؤلفيه) - لم يتسنَ لنا الاطلاع عليه بعد- ليثير به عاصفة جديدة من الانتقادات والمآخذ بسبب ما اعتبره بعض ممن قرأه بأنها مغالطات وأكاذيب وتدليس وتملق ساذج. من بين هذه المآخذ إصرار الشميري على إظهار الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين بالحاكم العادل، مستشهدا أي الشميري بكلام الشيخ محمد سالم البيحاني الذي وصف الإمام أحمد قائلا: ( كان قويا ، شجاعا ، عالما ، أديبا ، سخيا ، كريما ، فتاكا ، اخاذا للحق ولو من اقر ب الناس اليه " ثم أضاف له أوصافا اخرى مثل فك الاسير والتصدق لجبر الكسر ..الخ).