يستعد الرئيس السوري بشار الأسد للقضاء على المعارضة في البقعة التي انطلقت منها أول شرارة للانتفاضة على حكمه قبل أكثر من سبع سنوات بعدما قالت المعارضة المسلحة يوم الثلاثاء إنها تسعى للانسحاب بضمانات روسية.
وسيطرت القوات الحكومية، بدعم روسي، على أغلب محافظة درعا في إطار حملة بدأت الشهر الماضي. وطوقت القوات يوم الاثنين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة درعا واستعادت منطقة الحدود مع الأردن التي كانت المعارضة تسيطر عليها.
واستعاد الأسد الآن مساحات كبيرة من أراضي البلاد بمساعدة حاسمة من حلفائه الروس والإيرانيين بعد أن كان نفوذه لا يمتد سوى على نسبة ضئيلة من أراضيها.
وشهدت درعا بداية الاحتجاجات المناهضة للأسد التي تحولت إلى حرب أهلية يقدر حاليا أنها أودت بحياة نحو نصف مليون شخص. ودفع الصراع أكثر من 11 مليون للفرار من ديارهم لجأ 5.6 مليون منهم لدول مجاورة ولجأ كثيرون غيرهم إلى أوروبا.
وبدأت القوات الحكومية في التدفق على محافظة درعا الشهر الماضي. واستسلم المعارضون، الذين ينقصهم السلاح، سريعا في بعض الأماكن بعد أن أبلغت الولايات المتحدة قوات المعارضة، التي كانت تمدها بالسلاح ذات يوم، ألا تتوقع أي تدخل أمريكي.
ووافق المعارضون في درعا على اتفاق وقف لإطلاق النار أوسع نطاقا توسطت فيه روسيا يوم الجمعة وعلى تسليم المحافظة على مراحل. وسيطرت القوات السورية والروسية بعد ذلك على المعبر الرئيسي مع الأردن الذي كانت المعارضة تسيطر عليه منذ عام 2015.
وقال أبو شيماء المسؤول بالمعارضة إن قادة المعارضة في درعا التقوا بضباط روس في مدينة بصرى الشام يوم الثلاثاء.
وأضاف أن المعارضة ستؤكد خلال الاجتماع على ”بند التهجير القسري“ في إشارة إلى مطالب بتوفير ممر آمن إلى الشمال الذي تسيطر عليه قوات المعارضة.
وقال أبو جهاد وهو مسؤول آخر بالمعارضة ”بعد أن نفذنا الجانب المتعلق بنا أصبحنا محاصرين تماما، والأوراق جميعها أصبحت بيد الضامن الروسي لتنفيذ الاتفاق“.
وأضاف ”يعني إذا ما التزم الروس بتعهداتهم (فسنكون) في وضع سيئ“.
وقالت صحيفة الوطن الموالية للحكومة ”أنجز الجيش السوري مهمته أمس، وباتت قواته على تماس مع ما تبقى من مناطق يسيطر عليها (داعش) في الجنوب، لتكون الساعات القادمة حاسمة على صعيد إنهاء حقبة الإرهاب في مدينة درعا، والانتقال صوب استكمال سيناريو الإنجازات في القنيطرة“.
* ”فزع شديد“
نشبت احتجاجات 2011 ردا على ما قالت لجنة تحقيق دولية إنه احتجاز وتعذيب مجموعة من الأطفال اتهموا برسم جرافيتي مناهض للحكومة في درعا.
وفي أبريل نيسان 2011، قالت اللجنة إن الجيش نفذ أول عملية بالمدينة.
وتصف الحكومة الانتفاضة بأنها تمرد من قبل إرهابيين مسلحين مدعومين من أعداء أجانب. وبعد مرور سبعة أعوام، وتقدم الأسد باتجاه نصر عسكري كامل، لا يبدو أن هناك أملا يذكر في التوصل إلى تسوية سلمية للصراع عن طريق التفاوض.
ولا يزال الشمال وكثير من الشرق خارج سيطرة الحكومة، وفي ظل وجود قوات أمريكية وتركية بتلك المناطق فستجد القوات السورية صعوبة في التقدم إليها.
وقال شاهد إن عشرات الناس هتفوا تأييدا للأسد والجيش ببلدة أم المياذن في درعا التي استردها الجيش وذلك خلال جولة نظمتها الحكومة يوم الثلاثاء.
ولا يزال علم المعارضة مرسوما على جدار بإحدى نقاط التفتيش التي سيطرت عليها الحكومة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب إن طائرات هليكوبتر تابعة للقوات الحكومية أسقطت منشورات على بلدة الحارة في ريف درعا كتب عليها ”لا مكان للمسلحين في محافظاتنا“.
ومن المتوقع أن يتحول هجوم القوات الحكومية بعد ذلك إلى محافظة القنيطرة القريبة التي تسيطر عليها المعارضة على الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
وأطلق الهجوم أكبر عملية نزوح للمدنيين منذ بدء الحرب إذ فر 320 ألف شخص من ديارهم. وتحركت أعداد كبيرة مرة أخرى في الأيام القليلة التي أعقبت الاتفاق على وقف إطلاق النار وعاد البعض إلى قراهم.
وقالت ريتشل سيدر المستشارة بالمجلس النرويجي للاجئين إن النازحين يعودون إلى مناطق التي يشملها الاتفاق ”لأن التوقع الآن هو أن هناك وقفا لإطلاق النار متماسكا وأن هذه ستكون من آمن الأماكن وأكثرها استقرارا“.
وأضافت ”لكننا نعلم كذلك أن الناس يشعرون بفزع شديد. فهم لا يعرفون بدقة من المسؤول عن الأماكن التي جاءوا منها. رأينا ارتباكا كبيرا بين الناس الذين يحاولون اتخاذ قرار بشأن سلامة أسرهم ومستقبلها“.
الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق يوم 24 يونيو حزيران 2018. صورة لرويترز من وكالة الأنباء العربية السورية. لم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من صحة الصورة أو موقعها أو محتواها
ومن المعتقد أن عشرات الألوف من النازحين لا يزالون يقيمون في منطقة تل شهاب بمحافظة درعا وكثيرون غيرهم عند المنطقة الحدودية مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.