شهد الشهر الماضي، تطورات تدعو للتفاؤل في ملف الأزمة اليمنية، حيث زار وفد سعودي، لأول مرة، صنعاء، التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، منذ عام 2014، بعد انقلاب على الحكومة الشرعية أفضى إلى تدخل الرياض عسكريا.
وعُلّقت آمال على إمكانية التوصل إلى اتفاق منذ حصول مصالحة بين السعودية التي تقود تحالفا عسكريا داعما للحكومة اليمنية وإيران الداعمة للمتمردين الحوثيين في اليمن، لإنهاء القتال، الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأشخاص بشكل مباشر وغير مباشر منذ عام 2014، وترك ثلثي سكان اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، يعيشون على المساعدات.
لكن إعلان جدة، الذي صدر الجمعة، عن القمة العربية في دورتها العادية الـ32، أشار في بنده الرابع إلى "المرجعيات الثلاث" كأساس لحل الأزمة المنية، وهو ما أدى إلى تباين في المواقف بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في عدن، وجماعة الحوثي في صنعاء.
واعتبر وزير الإدارة المحلية اليمني رئيس اللجنة العليا للاغاثة السابق، عبدالرقيب سيف فتح، أن الموقف العربي الموحد تجاه اليمن وقضاياه يتسق مع موقف الشرعية الدولية وتوحدها حول خارطة الحلول المحددة بالمرجعيات الثلاث المتوافق عليها وطنيا وعربيا ودوليا.
والمرجعيات الثلاث هي المبادرة الخليجية (2011)، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014)، وقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصا القرار رقم 2216 (يلزم الحوثيين بترك المناطق الخاضعة لهم وتسليم سلاحهم).
واعتبر عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، السبت، أن تمسك دول ما يسميها بـ"تحالف العدوان" بـ"المرجعيات" يعني أنها لا تريد السلام".
وقال في تغريدة على "تويتر" تعليقا على البند الرابع في إعلان جدة: "إن ما يسمى بالمرجعيات عفا عليها الزمن، ولم تعد ضمن المباحثات وأصبحت شكلية كما هي من قبل"، مضيفا "إنما تستخدمها السعودية ودول العدوان كمصطلح تؤكد من خلاله عزوفها عن الحل، وأنها لا تريد السلام".
معيار اخر
المرجعيات عفى عليها الزمن ولم تعد ضمن المباحثات وأصبحت شكلية كما هي من قبل وانما تستخدمها السعودية كمصطلح تؤكد من خلله السعودية ودول العدوان عزوفها عن الحل وانها لاتريد السلام .
لكن فتح قال لموقع "الحرة" إن "إجماع مجلس الأمن وقرارات الشرعية الدولية ليس لها وقت بداية ووقت انتهاء"، موضحا أن القرار 2216 أنشأ خارطة طريق لحل المشكلة اليمنية بحيث أن الميليشيات المسلحة يجب عليها أن تسلم السلاح وتخلي المؤسسات.
وأضاف "أما الحوار الوطني فشارك فيه الميليشيات المسلحة الحوثية والمؤتمر الشعبي وأكثر من 600 ممثل للشعب اليمني، ولذلك فهو يعتبر مرجعية وطنية، كما أن المبادرة الخليجية بآلياتها التنفيذية هي محل إجماع وطني، فلذلك كلها مرجعيات تم التوافق عليها لكي يكون هناك حل ينهي الحرب ولا يؤسس لحروب قادمة".
واعتبر أن "الميليشيات المسلحة لا تعبأ بالسلام وترى فيه نهاية لها، ولذلك هي ترفض الحوار وفقا لمرجعيات محددة أقرها العالم بصورة عامة وأجمع عليها الشعب اليمني".
وقال: "هي تريد الحوار من أجل الحوار، وهو أسلوب إيراني معروف، فمن يريد أن يخرج الشعب اليمني من أزمته عليها أن يلتزم بأسس سلام حقيقية تنهي الحرب تماما".
واعتبر أن "المشكلة ليست في الميليشيات المسلحة في صنعاء، ولكن في يد إيران، التي تستغل الملف اليمني من أجل مصالح معينة ولذلك الحوار مع الميليشيات ليس له داع"، داعيا جماعة الحوثي بأن "تستشعر مسؤوليتها وتحاول أن تبحث في كل الملفات لحلها".
وانتهت اجتماعات صنعاء، الشهر الماضي، بين الحوثيين والسعوديين، دون اتفاق جديد، رغم أن سفير الرياض لدى اليمن، محمد آل جابر، قال لفرانس برس إنه يعتقد أن جميع أطراف الحرب "جديون" بشأن الرغبة في السلام.
والأحد الماضي، اعتبر عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، أن "السعودية ودول التحالف تماطل في وقف العدوان".
وقال في كلمة له خلال مسيرة بمحافظة صعدة إن "دول العدوان إلى الآن تماطل في وقف عدوانها ورفع حصارها عن اليمن"، داعيا إلى الاستعداد للمواجهة، بحسب موقع قناة المسيرة التابعة للجماعة.
في المقابل، يعتبر المستشار السياسي لوزارة الخارجية السعودية سابقا، سالم اليامي، أن "ما نسمعه من الجانب الحوثي عبارة عن مزيد من المناورات والابتزاز للحصول على أكبر قدر من المكاسب على طاولة المفاوضات".
وقال في حديثه مع موقع "الحرة" إن "المرجعيات مقصود بها ثلاثة أشياء رئيسية، أولها نتائج الحوار اليمني، وهذا الأساس هو نتاج حوار يمني-يمني بين كافة القوى السياسية والكل متفق ومجمع عليها، فحتى لو كان الحوثيون رافضين لهذا الشيء، فالأطراف اليمنية الأخرى لا تتخلص عن مخرجات الحوار، لأنها كانت عبارة عن خارطة طريق يمنية- يمنية، كانت يمكن أن تخرجهم من مأزق الحرب".
أما المرجعية الثانية، فهي الاتفاقية الخليجية، "وهي عبارة عن أن الجانب الخليجي نسق حالة من التفاهم اليمني-اليمني وأتاح لهم الظروف ليختاروا مستقبلهم في مناخ هادئ بعيدا عن العنف، فهذه واحدة من المرجعيات المعززة للسلام في اليمن".
وأضاف "العنصر الثالث الذي لا يريده الحوثيون هو القرار 2216 الخاص بتسمية الشرعية الرئيسية ويركز على نزع كل ما للحوثيين من صلاحيات حصلوا عليها بالقوة وبعسكرة المدن والسيطرة على مؤسسات الدولة، ويؤكد الشرعية في الدولة الرسمية التي كانت قائمة قبل الانقلاب".
وأكد أن "هذه المرجعيات لا يمكن الفكاك منها حتى وإن رفضها الحوثيون، فالأطراف الأخرى لن تقبل ذلك، كيف يقولون إنهم لا يريدونها أو عفا عليها الزمن، إذا لماذا وافقوا بالمفاوضات الأخيرة ولماذا قبلوا بالصلح عن طريق عمان واستقبلوا الوفد السعودي؟"، مؤكدا أن "كل المصالحات والاتفاقات التي تمت كانت بناء على هذه النقاط الثلاث".
وقال اليامي: "هم إذا ما بقوا في السلطة وممسكين بالسلاح فلن يكونوا الوحيدين الممسكين بالسلاح، سيكون لهم شركاء يمنيون من الأطراف السياسية من الشرعية والقوى القبلية والاجتماعية، لأن اليمن متعدد الأطياف السياسية والاجتماعية وحتى المناطقية، وهذه كلها يجب أن تشارك، ومقدرات الدولة ستكون لليمنيين جميعا وليس للحوثيين فقط".
وكشف اليامي عن أنه "بحسب الاتفاقيات الأخيرة سيشارك الحوثيون في مستقبل اليمن وشكل الدولة والجيش والنظام السياسي ومحاصصة بعض المناصب الوزارية، لكن لا يمكن أن يستمروا في اليمن ويسيطروا على كل شيء".
وقال: "هم جماعة عرقية أيديولوجية تمثل نسبة معينة قليلة جدا لا تتراوح 12 في المئة من الجسم السياسي في اليمن، ستحصل على وزنها النوعي والواقعي، لأنها تشكل واقعا اليوم لا أحد ينكره".