آخر تحديث :الأحد-10 نوفمبر 2024-01:53ص

محليات


الأناضول:قراع طبول الصراع الاقتصادي في اليمن لايقل ضراوة عن نيران حربها

الأناضول:قراع طبول الصراع الاقتصادي في اليمن لايقل ضراوة عن نيران حربها

السبت - 20 يوليه 2024 - 06:38 م بتوقيت عدن

- مراقبون برس -الاناضول

رغم أن الهدوء يسود جبهات اليمن منذ أبريل/ نيسان 2022، إلا أن الصراع الاقتصادي بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي اشتعل بشكل قد لا يقل ضراوة وتأثيرا عن نيران الحرب التي اكتوى بها البلد منذ نحو 10 سنوات.

وبرز الصراع الاقتصادي بشكل كبير مؤخرا، حيث قرر البنك المركزي اليمني المعترف به دوليا وقف التعامل مع ستة من أكبر بنوك البلاد، بسبب عدم نقل مقراتها الرئيسية من العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

ونص القرار الذي أصدره محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي في 10 يوليو/ تموز الجاري، "على إلغاء التراخيص المصرفية لكل من بنك التضامن، وبنك اليمن والكويت، وبنك اليمن والبحرين الشامل، وبنك الأمل للتمويل الأصغر، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، وبنك اليمن الدولي".

واستثنى القرار "فروع هذه البنوك التي تعمل في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، على أن تستمر هذه الفروع في ممارسة نشاطها حتى إشعار آخر".

وجاءت خطوة إلغاء التراخيص، بعد نحو شهرين من توجيه البنك المركزي في مايو/ أيار الماضي بوقف التعامل مع هذه البنوك بسبب تعاملها مع جماعة الحوثي التي تصنفها الحكومة اليمنية بأنها "منظمة إرهابية ".

وردا على توجيه البنك المركزي، أصدرت جماعة الحوثي حينها قرارا قضى بحظر التعامل مع 13 بنكا في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

وعددت الجماعة في بيان 13 بنكا حظرت التعامل معها، بينها "بنك القطيبي الإسلامي، وبنك عدن الإسلامي، وبنك الإنماء للتمويل الأصغر، والبنك الأهلي اليمني".

**جذور الصراع

يحمل هذا الصراع جذورا تاريخية، ابتداء بنقل الحكومة الشرعية البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن جنوبي البلاد.

واستمرارا لهذا الصراع المالي، قررت جماعة الحوثي في 2019 حظر التعامل بالعملة المحلية المسماة بـ"الجديدة" التي طبعت في السنوات الأخيرة من قبل البنك المركزي اليمني، مع حصر التعامل فقط بالفئات من العملة القديمة الصادرة قبل 2017.

وحاليا يوجد للريال اليمني سعران أمام الدولار، الذي يساوي في مناطق سيطرة الحوثي نحو 530 ريالا، بينما في العاصمة المؤقتة عدن، يبلغ سعره نحو 1900 ريال.

**توقف تصدير النفط

يعد توقف تصدير النفط من أهم الملفات الاقتصادية التي أثرت على الواقع المالي في اليمن.

وتوقف تصدير النفط في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، جراء هجمات شنها الحوثيون على موانئ نفطية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة.

ويتمسك الحوثيون برفض السماح باستئناف تصدير النفط، ويشترطون الاتفاق على آلية يتم فيها دفع رواتب كافة الموظفين العموميين في عموم مناطق اليمن من عائدات النفط.

**دعوة أممية للحوار

بعد يومين من قرار البنك المركزي بإلغاء تراخيص 6 بنوك مقراتها الرئيسية في صنعاء، كشف مجلس القيادة الرئاسي في 12 يوليو/ تموز عن تلقيه دعوة من المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، لإطلاق حوار مع الحوثيين بشأن أزمة الاقتصاد.

وأكد المجلس في اجتماع طارئ بهذا الخصوص "تمسكه بجدول أعمال واضح للمشاركة في أي حوار حول الملف الاقتصادي، بما في ذلك استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء كافة الإجراءات التعسفية بحق القطاع المصرفي"، حسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).

بدوره، دعا غروندبرغ "الحكومة اليمنية والبنك المركزي إلى تأجيل تنفيذ هذه القرارات حتى نهاية أغسطس/آب".

وحذر المبعوث الأممي في رسالة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي نشرتها وسائل إعلام يمنية متعددة "من أن القرارات الأخيرة المتعلقة بالبنوك قد تؤدي إلى أضرار جسيمة على الاقتصاد اليمني، وتؤثر سلباً على معيشة اليمنيين في كافة أنحاء البلاد، مما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري".

وتعليقا على ذلك، أعلنت جماعة الحوثي، السبت، أنها لن تخوض مفاوضات مع الحكومة الشرعية، إلا في إطار "خارطة الطريق" المتفق عليها.

وعبر منصة إكس، قال حسين العزي نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها: "أكدنا (للمبعوث الأممي) أن استعمال لغة التأجيل والترحيل (تأجيل قرارات البنك المركزي) في مسائل تتصل بحقوق شعبنا اليمني (الجانب الاقتصادي) أمر غير مقبول".

وأضاف العزي: "لن يكون هناك أي تفاوض (مع الجانب الحكومي) إلا في إطار مناقشة تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها".

وفي 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلن المبعوث الأممي التزام الحكومة وجماعة الحوثي اليمنيتين بعد إجراء جولات مفاوضات معهما بحزمة تدابير ضمن "خارطة طريق" تشمل وقفا شاملا لإطلاق النار، وتحسين ظروف معيشة المواطنين في عموم البلاد.

لكن تعثر تنفيذ "خارطة الطريق" حتى اليوم، جراء بروز أزمات جديدة مثل هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والغارات الأمريكية البريطانية على اليمن، وفق إعلام محلي.

**صراع السيطرة والتحكم

تعليقا على هذه التطورات، يرى مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (غير حكومي)، في تصريح للأناضول، أن "السبب الجوهري لهذا الصراع الحالي بين الحكومة والحوثيين، هو سعي كل طرف من أجل السيطرة والتحكم بالقرار الاقتصادي في البلد".

وأضاف أن البنك المركزي اليمني في عدن، "يهدف إلى استعادة السيطرة على القطاع المصرفي باعتباره البنك المعترف به دوليا، إضافة إلى امتلاكه حق التعامل مع العالم والاعتراف الدولي".

وأوضح أن ذلك يأتي في حين أن "البنك المركزي في صنعاء الواقع تحت سيطرة الحوثي، لم يعد معترف به دوليا، ما جعل الجماعة تحاول أن تستعيد السيطرة على الأمور بحيث يتم الاعتراف بالبنك المركزي في صنعاء، ويتم التعامل معها كسلطة معترف بها".

وفيما يتصل بإمكانية حل هذه الأزمة، يرى الخبير الاقتصادي أن ذلك "يعتمد بدرجة أساسية على خارطة الطريق والملف الاقتصادي فيها، إضافة إلى المشاورات في إطار الملف الاقتصادي (التي دعا إليها مؤخرا المبعوث الأممي)".

وتابع: "إذا ما انعقدت فعلا هذه المشاورات وتم ترتيب هذه المسألة، فبكل تأكيد سيتغير الوضع".

وتوقع نصر عددا من السيناريوهات بشأن مستقبل الصراع الاقتصادي، أولها "الوصول إلى اتفاق وفقا لخارطة الطريق بما تتضمنه من نقاط في الجانب الاقتصادي".

أما السيناريو الثاني، وفق نصر، فقد يعمل على "عدم اتخاذ خطوات تصعيدية من أي طرف وتجميد القرارات التي اتخذت من كل الأطراف".

ويتوقع الخبير الاقتصادي سيناريو ثالثا وهو "أن تفشل أي بوادر لحل الصراع الاقتصادي، بحيث يستمر التصعيد، ونصل إلى مزيد من الانقسام في القطاع المصرفي وفي مؤسسات الاقتصادية المختلفة".

ومنذ أكثر من عامين، يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 10 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وقوات الحوثيين المسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.