آخر تحديث :الثلاثاء-15 أكتوبر 2024-07:21م

محليات


صحيفة لندنية تكشف من هم خصوم الانتقالي الجدد بحضرموت شرق اليمن

صحيفة لندنية تكشف من هم خصوم الانتقالي الجدد بحضرموت شرق اليمن

الثلاثاء - 15 أكتوبر 2024 - 02:16 م بتوقيت عدن

- مراقبون برس -القدس العربي-احمد الاغبري

حتى قبل عامين لم يكن أمام المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت سوى اختصام المنطقة العسكرية الأولى، إذ كان يظهر وكأنه شعبيًا قد حسم تبعية حضرموت له، بينما صار له اليوم خصوم جدد، وهم مجلس حضرموت الوطني وحلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع؛ وهما مشروعان يختلفان كلية عن مشروعه ويتناقضان معه، ويعلنان، بوضوح، اختلاف ما ينادون به عما يرفعه الانتقالي. وفي الحقيقة لقد استطاعا أن يفقدا “الانتقالي” توازنه في حضرموت.
يعود “الانتقالي” اليوم مستغلًا الذكرى الحادية والستين لثورة 14 أكتوبر/ تشرين الأول (الثورة ضد المستعمر البريطاني في جنوب اليمن) لتنظيم مسيرات، واختار مدينة سيئون في وادي حضرموت مركزًا لذلك الاحتشاد، في محاولة منه لإثبات جنوبية حضرموت، وأنه الممثل الحقيقي لها، كما استهدف بذلك أيضًا بث الرعب في نفوس معارضيه هناك، كما هي رسالة للخارج أيضًا.
لكن ما يجب فهمه مما يجري هناك هو أن “الانتقالي” الآن، عاد لما قبل نقطة الصفر؛ إذ صار يعمل على توحيد تبعية قرار المحافظات الجنوبية والشرقية خلفه، بينما كان يظهر في السابق، وكأنه قد حسم تمثيله للجنوب.
ويسعى المجلس الانتقالي، الذي تأسس عام 2017 بدعم من أبوظبي، لفصل جنوب اليمن عن شماله، تحت لافتة “التحرر من الاحتلال اليمني”، والعودة إلى ما قبل عام 1990، لكنه، في ذلك، يتبنى هُوية سياسية مختلفًة عما كان عليه جنوب اليمن قبل الوحدة، إذ يطالب بإنشاء دولة الجنوب العربي الفيدرالية كدولة لا علاقة ثقافية لها بالهُوية اليمنية، التي يعتقد “الانتقالي” أنها تنحصر في شمال وغرب البلاد؛ في مؤشر يفضي لخطورة المشروع الذي يتمثله.
واحتشد، الإثنين، في مدنية سيئون عاصمة وادي حضرموت، الآلاف من مناصري الانتقالي، الذين رفعوا اللافتات ذات العلاقة بشعار المسيرة، وهو أن حضرموت جنوبية، والانتقالي هو الممثل الحقيقي لطموحاتها. كما رفع المتظاهرون أعلام جمهورية اليمن الديمقراطية، التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 22 مايو/ أيار 1990، على الرغم من اختلاف الهُوية التي ينادي ويطالب بها الانتقالي عما كانت عليه الدولة القائمة في جنوب اليمن قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.
ويجدد “الانتقالي” مطالبه بانفصال جنوب اليمن عن شماله، متمسكًا بمشروع إقامة دولته التي ينادي بها.
وكتب الصحافي لطفي شطارة، وهو قيادي في الانتقالي الجنوبي، أن “الوحدة (يقصد الوحدة اليمنية) هي صنيعة الجنوبيين، وهم من ذهبوا إليها بإرادتهم، وبإرادتهم وحدهم سيعيدون دولتهم التي اعتقد الشمال أنها وبأكذوبة الوحدة وبالاستقواء على الجنوبيين قد طمست. مليونية سيئون اليوم هي تأكيد بأن الهوية الجنوبية واحدة وراسخة رسوخ الجبال. كانت وستظل إرادة شعب الجنوب هي الأقوى” وفق “تدوينة”.
بدا خطاب الانتقالي أمام مناصريه، في سيئون منفعلًا، واستخدم لغة التخوين والتهديد إزاء المكونات التي ظهرت مؤخرًا، وباتت منافسًا حقيقيًا له في هذه المحافظة، ممثلة في مجلس حضرموت الوطني وحلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع.

�نحن الشعب�

وفي كلمته، أمس الإثنين، أمام حشد المناصرين في المسيرة، قال مُحمّد عبدالملك الزُبيدي، رئيس الهيئة التنفيذية المساعدة للمجلس الانتقالي الجنوبي لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت: “إننا جزء أصيل من الجنوب الفيدرالي، ومن هنا نقول للجميع، ونعني به الداخل والخارج، أننا نحن الشعب، لن نسمح لكائن من كان أن يدعي الوصاية علينا أو أن تشكل لقاءات أو تجمعات أو تكوينات داخل حضرموت أو خارجها، ويدّعون تمثيل القرار الحضرمي، أو أن يتحدثوا عن توجهات الحضارم في أي جهة، ونعلنها من سيئون، وقرارنا واضح، وهو أن ممثلنا هو المجلس الانتقالي الجنوبي، وأن هويتنا الحضرمية هي جزء من هوية الجنوب العربي”.
وأضاف مهددًا: “واهمٌ مَن يعتقد أننا يمكن أن نتنكر لإخواننا في الجنوب، ومجنون مَن يعتقد أنه سيجعل حضرموت خنجرًا مسمومًا في ظهر الجنوب”.
في لغة هذا الخطاب يظهر مدى ما يشعر به “الانتقالي” من قلق تجاه المكونات الحضرمية الجديدة حد لجوئه للغة منفعلة لا تمت للعمل السياسي بصلة، إذ احتكر خطاب المسيرة الشعب في مناصري الانتقالي بالقول “نحن الشعب”، وفق أحدهم.

إقليم مستقل

الصحافي الحضرمي، صبري بن مخاشن، يرى في تصريح لـ”القدس العربي” أن “المسيرة التي شهدتها سيئون تأتي في ظل ما تشهده حضرموت من حراك مجتمعي وسياسي، الذي يتمثل فيما أعلن عنه حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع منذ أول أغسطس/ آب، وما يجري من تصعيد للضغط على مجلس القيادة الرئاسي لتنفيذ مطالب حضرموت المشروعة المعلنة، ثم ظهور وإعلان مجلس حضرموت الوطني من الرياض الأسبوع الماضي (تشكيل الأمانة العامة)، وفي هذا الخضم أراد المجلس الانتقالي الجنوبي أن يظهر كأحد اللاعبين الأساسيين في حضرموت، أو بالأصح يريد أن يظهر أنه الأقوى وذو الشعبية الأغلبية لتمثيل حضرموت، وتأكيد تبعيتها لعدن والمجلس الانتقالي”.
وأضاف: “والحقيقة أن هذه المسيرة التي أُنفقت عليها أموال طائلة لن تحقق أهدافها؛ لأنها غير منطقية، كما لم يقدم “الانتقالي” نموذجًا مشرفًا ومستقرًا في عدن يُحتذى به، علاوة على أن الحضارم وحضرموت دخلت في تصعيد وحراك لانتزاع حقوقها ومطالبها السياسية والاقتصادية والخدمية، ولن تعود لوصاية أحزاب ومكونات عدن وصنعاء. وتطالب وثيقة مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع أن تكون حضرموت إقليمًا مستقلًا في أي تسوية سياسية قادمة، وفق شراكة تقوم على معايير التمثيل وتراعي اعتبارات السكان والمساحة والثروة لضمان شراكة ووطن فيدرالي سيادي يتجاوز مفهوم الوصاية والتبعية”.
لكن يبقى السؤال: مَن يحدد الوجهة السياسية لحضرموت؟ هل هي المسيرات أم صندوق الاقتراع؟
يرى ابن مخاشن أن “أهل الأرض هم مَن يحددون الوجهة السياسية عبر السيطرة على الثروة والأرض، وانتزاع القرار السياسي والاقتصادي، وهذا ما يقوم به حلف قبائل حضرموت، الذي سيطر على مواقع الشركات النفطية ومداخل حضرموت ومخارجها، لأجل تنفيذ مطالب حضرموت المشروعة”.

ماذا بعد؟

مما لا شك فيه أن اليمن يمر بمنعطفٍ غاية في الخطورة، شماله وجنوبه، وتعيش كل محافظة من محافظاته، خصوصية في المعاناة الناجمة عن تداعيات هذا المنعطف، بما فيها محافظة حضرموت، الأكبر مساحة والأغنى نفطًا، التي تتنازعها مشاريع تختلف في توجهاتها.
ويأمل المتابعون أن يبقى الوضع مستقرًا، وأن يلجأ الغالبية للحكمة واحترام إرادة الناس، وهذا لن يتم إلا عبر التوافق على حماية المصالح العامة لليمنيين، وتجاوز كافة الخلافات، وجبر الضرر، وتحقيق العدالة، وتقديم التنازلات لأجل المستقبل، والدخول في مرحلة انتقالية، وفق رؤية دستورية جديدة متوافق عليها تحترم مقدرات وثروات وخصوصية كل محافظة أو أقليم، وتعزز من مساحة الحكم المحلي، وتطوي صفحة المركزية، وتذهب بالبلد إلى صناديق الاقتراع، وتكرس التبادل السلمي للسلطة، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، تحت مظلة الحريات العامة والمواطنة المتساوية.